من المعروف أنّ كتاب الفهرست هو تصنيف لعناوين من المصادر العربية في مختلف الاختصاصات، ومنبع لا ينضب لأخبار مؤلّفيهم وبعض تراجمهم. لكنّ العديد من المضامين الّتي تحيل إليها هذه العناوين والمعلومات الّتي تزخر بها، تدلّنا على أنّ (ابن) النديم قد تجاوز عرضها إلى تضمين رسالة يحتاج تفكيك غموضها إلى استعداد القارئ، في إنجازه لعمليّة القراءة، وذلك عن طريق اكتساب معارف تخوّل له تحويل تلك المعطيات إلى علامات تتأسس رموزها على مرجعيات مختلفة، واستكشاف ما اتّسم به خطاب المؤلّف من ذاتية تحمل في طيّاتها فهما ما قبليا ناتجا عن مكتسبات تجتمع جلّها حول نسق ثقافيّ استند إليه المؤلّف في تصنيف العناوين والتعريف بمؤلّفيها، وما يعكسه من تصنيف للعلوم الّتي ألّفت فيها يتفاعل فيها التاريخي والعلمي.

لذا ارتأينا:

- أن ننطلق في هذا البحث من قسم نظريّ نبحث فيه العلاقة بين المؤلّف والقارئ، وتوسّط الفهم الماقبلي المراعي لمكتسبات كليهما بصفة عامّة.

- ونبحث في آليات القراءة الّتي يحتاجها القارئ لبلوغ معاني تحجب عن القارئ العاديّ فكر (ابن) النديم بصفة خاصّة. ونضيف إلى ذلك اعتماده على ما بلغه من مرجعيات متميّزة في ذلك العصر (ق 4هـ|10م) وخلطت واقع العلوم بالأسطورة، ولعلّها وجّهت الاهتمام العلمي في هذا التاريخ وطبعت شخصية (ابن) النديم العلمية وأثّرت في تصنيف هذه العلوم.

- ثمّ نتبيّن الخلفيّات الّتي تتحكّم في خطاب المؤلّف وتطبع هويته بمنظومة ذات سياقات مختلفة يمكن تقسيمها إلى سياقين، سياق خارجيّ يحتاج إلى تنزيل النصّ منزلته الواقعية، التاريخية- السياسية، وآخر داخليّ: يحتاج إلى استخراج الإكراهات المعرفيّة والمذهبيّة الّتي فرضت عليه تصنيفا محدّدا لعناوين الكتب، وما يعكسه من تصنيف للعلوم. ونقف على العلاقة بين العلم والتاريخ الخاصّ ل(ابن) النديم في مرحلة من مراحل التاريخ العلمي. وهو تاريخ قد مزجه بالأسطورة والأمور الغيبية، وأخضعه لنسبية انتمائه الوطني والمذهبي والسياسي.

En général, le livre al-Fihrist d'al-Nadīm est pris, pour un catalogue de titres dont l'objet est de dresser l'inventaire des œuvres dans toutes les spécialités scientifiques. À y regarder de plus près, on ne manquera pas de déceler d'innombrables indications auxquelles ces titres renvoient par la quantité d'informations dont ils abondent. Cela dépasse la simple collecte des titres de livres. Le message adressé n'est pas dénué d'aspects implicites. Un effort supplémentaire est à consentir par le lecteur. Il consiste à percevoir dans ces données des allusions faites à diverses références ; et aussi à explorer une certaine subjectivité de l'auteur exprimée à travers son discours. Elle repose sur sa compréhension préalable de données qui tourne autour d'un système culturel sur lequel l'auteur s'est appuyé pour procéder à la classification des titres d'ouvrages et faire la présentation de leurs auteurs. On pourrait alors dégager une certaine classification des sciences dans laquelle l'historique et le scientifique interagissent de manière sous-jacente.

Une certaine vision de la relation Science et Histoire permet de dégager quelques points :

- La classification spécifique des titres d'ouvrages pourrait refléter aussi celle des sciences.

- Certains traits de l'identité de l'auteur apparaissent dans le double contexte : l'externe de nature historico-politique, et l'interne avec ses contraintes cognitives et doctrinales.